كان طبيب العيون سمير الصليبي في الثانية من عمره عند اغتيال قريبه الرسام خليل الصليبي (1870-1928)، فعاش بين رسوماته، التي اشتراها والده إلى أن قرر منحها لمعرض الجامعة الأمريكية في بيروت لتعرض للمرة الأولى أمام الجمهور.
وتفتحت عينا سمير الصليبي على رؤية جدران بيته وهي مزدانة بأبهى اللوحات الفنية التي اشتراها والده الدكتور شاهين الصليبي إثر مقتل الرسام خليل الصليبي مع زوجته في حادث اكتنفه الغموض.
وخليل الصليبي هو أحد مؤسسي الفن الحديث في لبنان ورائد من رواد الفن التشكيلي تتلمذ على يديه كبار الفنانين اللبنانيين.
ودرس وعمل وعرض أعماله في ادنبره وباريس والولايات المتحدة وهو معروف برسومه للأوجه واهتمامه بشكل الجسد البشري.
واشتهر الصليبي برسمه للمفكرين والنخبة والأكاديميين، لكنه في المقابل برع في رسم أهل القرية بملابسهم التقليدية الجبلية وخصوصا الطربوش.
ومن بين اللوحات المعروضة بورتريه لزوجته "روز" ومنظر للجامعة الأمريكية في بيروت بالإضافة الى الطبيعة الجبلية وقريته بطلون في جبل لبنان.
ويقول سمير الصليبي إنه يشعر بالقلق اتجاه مصير المجموعة بعد وفاته مفضلا بقاءها كمجموعة واحدة وعدم توزيعها على أولاده.
ليتني أستطيع أخذها معي
وقال سمير لتلفزيون رويترز "لم أكن أعرفه. كان عمري سنتين عندما توفي ولكني أعرف أنني عشت كل حياتي مع صوره، لأن صوره كلها كانت بمنزل أبي. ومنذ أن كنت طفلا كنت أراها حولي. قد أكون اعتدت من دون أن أحس وأنا طفل أنني أتحدث معها.. كما لو كنت أسير في الأماكن نفسها التي صورها خليل".
وأضاف طبيب العيون البالغ من العمر 86 عاما "الرسومات عاشت عندي وعند والدي أقل بقليل من مئة سنة. الآن يمكن أن تعيش ألف سنة وتظل تحت المراقبة. وأنا لن أكون هنا لكي أحميها. لو كان باستطاعتي أن أحميها وآخذها معي بعد موتي لكان وضعا مختلفا ولكن لا أستطيع ولست نادما".
ومضى يقول إن فكرة منح هذه المجموعة إلى الجامعة الأمريكية لم تأت فجأة "لقد تم التحضير لها منذ سنوات. لا أريد أن أبقي عليها في بيتي ولا أريد أن تتوزع على أولادي وكل واحد يأخذ قسما وتتناثر. حلاوتها في مجموعتها.
وقال رئيس الجامعة الأمريكية الدكتور بيتر دورمان "يسعدني أن أرى مجموعة خليل الصليبي تعرض للمرة الأولى أمام الجمهور هنا في بيروت. هذه المجموعة الفريدة تشكل جزءا مهما من الميراث الثقافي اللبناني والجامعة التزمت بحفظه للأجيال المقبلة. وهذه خطوة أولى من مخطط بعيد المدى لجعل الحرم الجامعي حاضنا للفن الحديث والمعاصر".
أضاف "في التفاتة كريمة ونادرة في مجتمعنا العربي أهدى الدكتور سمير الصليبي الجامعة الأمريكية في بيروت ما يزيد عن 60 لوحة فنية قيمة لتشكل معرضا دائما ضمن جناح باسم "روز وشاهين الصليبي".
وقال "في إحدى جلساتنا المطيبة بأحاديث الفن والأدب بادرني الدكتور سمير الصليبي بالقول أريد يا صديقي إهداء مجموعتي من اللوحات والكتب والمعدات الطبية الى مؤسسات تستطيع الاعتناء بها وعرضها على الجمهور ليتمتع بها ويستفيد كما تمتعت أنا طوال عمري".